إلى أين حمى التفاهمات الثنائية ؟

بقلم / محمد عمر مسلم

التحالف الديمقراطي ،، تعاهدت تنظيماته على برنامج الحد الأدنى،، الذي مثل المساحة الخضراء التي تتقاطع فيها برامج التنظيمات والأحزاب السياسية المكونة للتحالف وحسنا فعلت تنظيمات التحالف بلقائها على ذلك البساط الأخضر لتنطلق منه لتأسيس وحدة وطنية وشراكة حقيقية ونظام دستوري يعالج مشكلات السلطة والثروة، ومخرجات الثنائية الدينية والثقافية، لكن الإختلاف في الرؤية والبرامج التفصيلية بين التنظيمات حد من فاعلية التحالف، فكان المتنفس في اللقاءات والتفاهمات الثنائية بين التنظيمات المتشابهة في الرؤية والبرنامج، لذلك شهدت ساحة المعارضة لقاءات وتفاهمات عديدة بين تنظيمات التحالف، بعضها إنتهى بالوحدة الإندماجية، وبعضعها إنتهى به الأمر إلى كيان جبهوي تضامني، وبعضها الآخر يسير نحو الوحدة الإندماجية مثل حزبي الشعب والديمقراطيي والحركة الشعبية.

أولا من حق أي تنظيم عقد لقاءات ثنائية تفاهمية مع تنظيمات تماثله في الرؤية والبرنامج، ثانيا من حق أي مواطن أن يبدي وجهة نظره عن أنشطة تنظيمات المعارضة فابداء الرأي حق مكفول للجميع، ثالثا لا بد من وجود أرضية مشتركة متمثلة في التشابه في البرامج والرؤية لنجاح التفاهمات، فاءن وجدت تلك الأرضية قد تثمر التفهمات نتائج إيجابية، وإن فقدت الأرضية المشتركة لا تثمر، وإن أثمرت سيكون على حساب الطرف الأضعف، وهنا أحب أن أشير إلى أمر مهم وهو أن تنظيمات التحالف الديمقراطي تلتقي على برنامج الحد الأدنى وهو ما عرف بالثوابت الوطنية التي محل إتفاق من الجميع،، المفترض في التقاربات التي تتم خارج نطاق التحالف أن تكون في مسائل أعم وأشمل مما تحقق في نطاق التحالف كما هو الحال في جبهة التضامن ، وإلا لا فائدة من تقاربات لا تتجاوز في نتائجها ما تحقق في نطاق التحالف، فالتقارب الشديد بين حزبي الشعب والديمقراطي سببه التشابه الشديد في الرؤية والبرامج، وهناك لقاءات تفاهمية بين الحزبين والحركة الشعبية لوجود تشابه في البرامج والرؤية وقد تؤدي بهم تلك التفاهمات إلى وحدة إندماجية، كذلك التقارب الشديد بين تنظيمات جبهة التضامن سببه التشابه في البرامج والرؤية، وأقرب الأحزاب برنامجا ورؤية لجبهة التضامن هما حزبي النهضة والمؤتمر الإسلامي،،، لذلك وجهت لهما الدعوة للإنضمام لجبهة التضامن،، وبعد الإعلان عن جبهة التضامن، قلت في مقال سابق ( وقفات مع بيان جبهة التضامن الإرترية ) ( ومما يسرنا جميعا أن يلحق بركبها الميمون حزبا النهضة والمؤتمر الإسلامي،،، لتكتمل فرحتنا ويلتئم شملنا وتتحقق وحدتنا فكفانا تغريدا خارج السرب، وإذا استمر الحزبان لفترة طويلة خارج سرب التضامن، فسوف يخسران الكثير من مصداقيتهما، كما أرجو من جبهة التضامن أن تذلل الصعاب التي تحول دون انضمام الحزبان في جبهة التضامن ) ما حملني على قول ذلك أن قيادة حزب النهضة والمؤتمر الإسلامي كثيرا ما كانت تدعوا لوحدة الصف خاصة بين التنظيمات المتشابهة، أيضا لما وجدت من التشابه الشديد بين برامج ورؤية جبهة التضامن وحزبي النهضة والمؤتمر الإسلامي، لذلك كنت أتوقع إنضمامهما لجبهة التضامن مسألة وقت ليس إلا .

فوجئت كغيري بتصريح صحفي ( بنتائج لقاء تنظيمات إرترية ) نشر في موقع حزب الشعب عن اللقاء التفاهمي الذي عقد في 17 / 7 / 2009م في أديس أبابا بين تنظيمات خمسة هي حزبي الشعب والديمقراطي، والحركة الشعبية، وحزبي النهضة والمؤتمر الإسلامي، قرأة التصريح الصحفي بتمعن لعل أجد النقاط التي شكلت محور التفاهمات بين التنظيمات الخمسة، فلم أجد سوى عموميات تتحدث عن تفعيل المقاومة،  وتطوير العلاقات البينية، وتوصيف الوضع الداخلي في إرتريا، وهي أمور لا يخلوا منها بيانات تنظيمات المعارضة،، ولكن لم يشر التصريح إلى نقاط الإلتقاء التي دشنت لهذا اللقاء التفاهمي،، والسؤال هل ستكون التفاهمات في مسائل أعم وأشمل من مسائل برنامج الحد الأدنى الذي قام عليه التحالف؟ وإذا كان الجواب بنعم فما هي المسائل التي مثلت هما مشتركا للتنظيمات الخمسة خارج نطاق التحالف؟ علما أن التنظيمات الخمسة تتباين في رؤيتها وتشخيصها وموقفها من النظام،، كما أنها تختلف في برامجها ورؤيتها المستقبلية، بل الرؤية المستقبلية للتنظيمات الثلاث ( حزبي الشعب والديمقراطي والحركة الشعبية ) أن لا مكان للأحزاب الدينية في إرتريا كما صرح بذلك ولد يسوس عمار في الحوار الذي أجراه مع الأمريكان كورنكل ( لا مكان للمنظمات الدينية في ارتريا ولا نريد حكومة طائفية تحمل في طياتها تجربة وادي “السوات” الباكستانية ) ونسى ولد يسوس أنه يعيش في سويسرا التي ينص دستورها على أنها دولة دينية ويستهل دستورها  بعبارة ( باسم الربذكر العلامة بن بية في بحثه ( علاقة الدين بالدولة ) المنشور في موقعه  ( الفيدرالية السويسرية التي تُعتبر من الدول النادرة في أوربا التي ينص دستورها على أنها دولةٌ دينيةٌ وكنيستها هي كنيسة دولة مع ما يترتب على ذلك من إلتزامات الدولة تجاه المؤسسة الدينية ) والسؤال كيف نلتقي ونتفاهم مع من لا يرى لنا مكان في إرتريا لكوننا أحزابا إسلامية؟ أن الأرضية المشتركة بين التنظيمات الخمسة لا تزيد شبرا عن أرضية التحالف الديمقراطي، إذا فما الدافع الحقيقي وراء الإعلان عن تلك التفاهمات ؟ من وجهة نظري أن كل طرف بحاجة إلى الآخر خاصة بعد قيام كيان جبهة التضامن الذي نال تأيدا واسع النطاق في أوساط الشعب الإرتري، فقد أربك  ميلاد جبهة التضامن قيادات تلك التنظيمات، لذلك جاءت تصرفاتها ردات فعل غير مدروسة، من ذلك النشاط المحموم الذي لمسناه في الفترة الماضية لحزبي الشعب والديمقراطي،،لإستقطاب التنظيمات القومية والأحزاب الصغيرة، لقطع الطريق أمامها حتى لا تنضم لجبهة التضامن، تلك هي حاجة حزبي الشعب والديمقراطي من الإعلان عن تلك التفاهمات وقد قضياها، ولا أدري ما حاجة المؤتمر الإسلامي وحزب النهضة من وراء تلك التفاهمات ؟ وهل قضيت حوائجهما هذا ما لا نعلمه حتى الآن؟ ومهما يكن مبرر خطوة حزبي النهضة والمؤتمر الإسلامي، كان عليهما أن يسبقاها بخطوة مماثلة مع جبهة التضامن التي يلتقيا معها في كثير من البرامج والرؤية، فما يجمع حزبي النهضة والمؤتمر الإسلامي بجبهة التضامن أكثر مما يجمعهما بحزبي الشعب والديمقراطي والحركة الشعبية، وفي الختام نحترم جميع الخيارات السياسية للتنظيمات والأحزاب بشرط أن تصب تلك الخيارات في مصلحة حفظ الكيان الإرتري أرضا وشعبا ،،